اخبار الوطن

حريق مقر مكافحة الغش لمحو الجريمة يكشف أبطال الفضيحة
100 آلية ضخمة هربت من ميناء وهران بوصولات مزورة

كشفت مصادر
قريبة من التحقيقات الأمنية والقضائية الجارية بعد الحريق الذي نشب بمقر
المديرية الجهوية لمكافحة الغش والتهريب بالجمارك في ميناء وهران، أن
الحادثة وقعت عشرة أيام فقط بعد أمر مديرية المراقبة اللاحقة بالمديرية
العامة للجمارك بإيفاد لجان تحقيق حول مصير معدات أشغال كبرى باهظة الثمن
محجوزة وممنوعة من دخول الجزائر لأنها مستعملة.
لم تنته فرق مكافحة الغش من دراسة العشرة ملفات الأولى حتى نشب حريق مهول
أتى على كل الوثائق، ولحسن الحظ كانت لدى المديرية العامة للجمارك نسخ
منها. ومن جهة أخرى، يوجد وكيل عبور ومصرحون جمركيون رهن التحقيق ، وطالت
التحقيقات مئات المستوردين.
وتسربت معلومات يمكن وصفها بالخطيرة حول ما توصلت إليه التحريات حسب
مصادر''الخبر'' من محيط المحققين على الصعيدين الأمني والقضائي حول
التجاوزات الخطيرة التي ارتكبها عناصر شبكة منظمة رؤوسها مشكلة من مستوردين
فرضوا منطقهم في سوق عتاد الأشغال العمومية والطرقات وكل الأشغال الكبرى
ومسوقي العتاد الضخم ومعدات الحفر والتنقيب وفي المناجم الصخرية وفي عمق
الأراضي، وهي معدات مستعملة في بلدانها القادمة منها كأوروبا وآسيا وحتى
بعض دول الجوار.
غير أن هذه المعدات تباع مستعملة بأسعار معقولة مقارنة بأسعارها الحقيقية
يزيد عليها الطلب في الجزائر التي أصبحت ورشة كبيرة بل حتى الشركات
الأجنبية والجزائرية التي لها مشاريع ضخمة سكنية أو مشاريع أشغال كبرى أو
سدود أو جسور وطرقات يتهافت عليها المقاولون الجزائريون الحاصلون على
مشاريع كبرى في الشمال وأقصى الجنوب لسعرها المنخفض. ونظرا للطلب المتزايد
على عتاد الأشغال الكبرى تشكلت شبكات مافيوية تهربه تحت غطاء الاستيراد
داخل الحاويات من 40 قدما مفككة من الأجزاء الكبرى، وتقدم تصريحات مزورة
وتهريب مقابل رشاو لا تقل عن 300 مليون سنتيم يتورط في تهريبها حتى أعوان
الأمن وعمال الميناء الذين يتقاضون عمولاتهم مقابل غض الطرف عندما يرون
حاويات تغادر الميناء خارج أوقات العمل وأحيانا في جنح الظلام حسب اعترافات
بعض الشهود والموقوفين الذين أكدوا أن هناك من يدفع ثمن التواطؤ المباشر
وهناك من يدفع ثمن السكوت سواء كانت المعدات مفككة داخل حاويات أو كاملة
الصنع على متن شاحنات ويعلمون أنها معبأة بمعدات أشغال كبرى مفككة في أجزاء
كبرى موزعة على عدد من الحاويات يسهل تركيبها فيما بعد. وكانت العمليات
تتم على هذا النحو مثلما كشفته التحقيقات الأولية التي بينت أن كل عملية
يستصدر لها ترخيص خروج من الميناء وتصريح جمركي بالبضاعة المصرح بها فضلا
عن وصل خروج الشاحنة المحملة بالميناء. ولم تكتشف أن العمليات كانت تتم على
هذا النحو إلا بعد إجراء مداهمات لفرق المراقبة اللاحقة للشاحنات عند
مخرج الميناء. وهناك انكشفت الفضيحة التي قادت إلى وجود عشرات الحالات
المماثلة. وبمجرد أن شملت التحقيقات الجمركية أكثـر من 15 ملفا بدأت موجة
تهديدات للمحققين عن طريق وسطاء ومكالمات هاتفية ورسائل مجهولة تهددهم بطمس
الحقائق ووقف التحريات، لاسيما بعد تأكد التزوير في المحررات الرسمية خاصة
وصولات الخروج والتصريحات الجمركية المزورة التي تمت بها عمليات استيراد
المعدات، وانتهى التهديد بتنفيذ عملية حرق شملت كل الوثائق التي كان عددها
حوالي 200 ملف قيد التحقيق نقلت نسخ طبق الأصل لها إلى المديرية العامة
للجمارك من قبل.
وانتهت التحقيقات في بدايتها إلى التأكيد أن ما يزيد عن 100 عتاد وآلية
هربت من الميناء بتراخيص ووصولات خروج مزورة بتواطؤ عمال ميناء وجمركيين
ورجال أمن سهلوا أو لم يبلغوا عن عمليات التهريب، وهو ما انكشف بعد سماع
المشتبه في تورطهم في عملية الحريق المهول الذي أتى على مقر مكافحة الغش
والتهريب والذي اعترف الموقوفون بكل التفاصيل وكشفوا عن أسماء بارونات يجري
البحث عنهم، كما تم تداول أسماء بعض وكلاء العبور الذين تم الاستماع
لأحدهم في انتظار السماع لأقوال آخرين يواجهون نفس الاتهامات.